اعتاد كتّاب "الرأي"، في الصحف والمجلات الفلسطينية، أن يتناولوا الشؤون الداخلية الفلسطينية، وما يتعلق خاصة، بالأطر العامة، كالمجلس الوطني الفلسطيني، والمؤتمرات الشعبية، والانتخابات المتعلقة، بالمنظمات الشعبية. وأذكر فيما أذكر، صفحات كانت مخصصة في مجلة "الهدف"، الناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أيام بيروت... للمناقشات، وهي عبارة عن صفحات مفتوحة، لمناقشة قضايا داخلية.
كان النص الفصائلي ـ إن جاز التعبير ـ وهو عبارة عن أدبيات أو مطارحات، يدلي بها هذا الفصيل أو ذاك، فيما يتعلق بشأن داخلي، محفزاً رئيساً، لردود ومداخلات، وآراء شتى.
أسوق ذلك، لأقول، إنني بت الحظ بوضوح، تراجع المعالجات والآراء، المتعلقة بالشؤون الداخلية، لحساب معالجات وآراء تتعلق، بانعكاسات السياسات الدولية والإقليمية على القضية الفلسطينية. 
سأورد مثلاً واضحاً حول ذلك، وهو عقد دورة عادية للمجلس الوطني الفلسطيني، بعد انعقاد المؤتمر العام السابع لـ "فتح"، بحدود شهر واحد، كما تم الإعلان عنه. 
كان رأي معظم المطلعين على الشؤون الفلسطينية، عدم جدوى التحديد الزمني، ذلك أن عقد دورة عادية للمجلس الوطني، لها اعتبارات معقدة، ويحتاج حلها لوقت غير محدد... ثم عقد دورة اجتماعات للجنة التحضيرية للمجلس في بيروت، وانتهت إلى بيان متفق عليه من الأطراف كافة، بما فيها حماس والجهاد، وبعد ذلك لم نقرأ، ولم نطلع على رأي أو مطارحة، حول ذلك.. باستثناء بعض الآراء السريعة، التي لا تضيف شيئاً جديداً في الموضوع.
لعلّ الثغرة في ذلك، هي فقدان النص المتماسك الواضح، لهذا الفصيل أو ذاك، لمناقشة معارضة أو تأييد... صحيح أن المتغيرات في الشرق الأوسط، ومدى عمق انعكاسها، على أوجه القضية الفلسطينية، بات مؤثراً وبارزاً، لكن ذلك لا يعني، إهمال العامل الذاتي، وهو الشأن الداخلي، أو القفز عنه، ذلك أنه الأساس، ودونه تضيع القضية وتُفقد البوصلة.
هنالك خفة في التناول، ظهرت مراراً، فيما يتعلق بعقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني، كان أبرزها، غيابه وعدم انعقاده، وقبل فترة، تم طرح فكرة عقده في دورة استثنائية، ومن ثم في دورة عادية بمشاركة الجميع الفلسطيني، وعند مناقشة ذلك، جدياً، وبحضور الجميع، تبين للحضور، بأن هذه الخطوة، تحتاج إلى إعدادات كثيرة، وإلى جهود مكثفة، فعادت وغابت، دون مناقشات جدية، تشارك بها فئات الشعب، ممثلة من كتّاب وصحافيين.
إضافة لغياب النص السياسي، الواضح، من الفصائل المعنية بعقد دورة المجلس الوطني، وفي المقدم منها، حركتا حماس وفتح، هنالك غياب لجلسات العصف الفكري، التي من المفترض أن تعقدها فصائل العمل الوطني الفلسطيني، للاستماع إلى الآراء، بوضوح، دون مواربة، أو تجنٍ، غير مثمر أو مفيد.
لعلّه من نافلة القول، إن العامل الذاتي، هو نقطة الارتكاز المحورية والأساسية، ومنه تنطلق السياسات والتوجهات، ولعلّ أي ارتدادات لمسائل إقليمية أو دولية، على مرآة الحياة الداخلية الفلسطينية، تحتاج إلى جبهة داخلية، متماسكة وواضحة، ولسياسات تشارك بها الأطراف الداخلية، كافة!.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد