فجّرت قضية إدانة الجندي الإسرائيلي القاتل، إليئور أزاريا، بالقتل غير المتعمد للشهيد عبد الفتاح الشريف في الخليل، جدلاً، لا يزال مُستعرًا، والسجال المستعر في إسرائيل حول الجندي القاتل وانه هو الضحية وأن القيادة العسكرية ألقت بابن الجميع للكلاب، وكشف استطلاع أجرته القناة الثانية، أن ثلثي الإسرائيليين يؤيدون العفو عن الجندي القاتل وإسرائيل حزينة على محاكته وحال ابوه وامه وحزنهم على ابنهم الطفل بانه ضحية للمحكمة والمسؤولين في الحكومة والجيش.

وتماثل رئيس الوزراء نفسه نتنياهو تماما مع نفتالي بينيت، ودعا إلى منح الجندي القاتل العفو قبل صدور الحكم عليه، وقبل أن يقرر القضاء طبيعة الحكم، ونتنياهو من البداية إصطف إلى جانب الجندي فهو الذي قارن بين والدي الجندي القاتل، وبين ذوي الجنود الذين قتلوا في الحرب.

الجميع يتسابق للدفاع عن الجندي ليس من باب السعي خلف شعبوية رخيصة كما يدعي بعض الصحافيين الإسرائيليين، إنما هي العنصرية تتجلى في المستويات العليا في دولة الإحتلال، ودليل ذلك ما يتردد في التعقيبات على صفحات التواصل الإجتماعي وحمى العنصرية الشعبوية المنفلتة في المجتمع الإسرائيلي وهي ذات دلالات عنصرية متسارعة في الشارع الإسرائيلي برمته والإنزياح نحو اليمين بشكل أسرع.

التسابق من الجميع على إعتبار الجندي ضحية وكان لا يجب محاكمته من البداية، ولم يكن على لماذا لم يتم إسعاف الفلسطيني المصاب قبل وفاته! وزير الأمن أفيغدور ليبرمان حضر المحكمة قبل نحو 10 شهور مؤيدا للجندي القاتل، والوزير نفتالي بينيت منذ البداية دافع عن الجندي وقال إنهم كذبوا على عائلة أزاريا وعلى الجمهور الإسرائيلي.

وحسب ما ذكره المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، براك رفيد، نتنياهو خضع لبينت والشعبوية والقيادة السياسية الإسرائيلية استغلت الحادثة لاحتياجاتها السياسية، جميعهم غذوا العنصرية والتحريض والكراهية، ولكن لسوء حظهم، فإن التعقيبات التي تنشر على صفحات الفيسبوك تشير إلى أن ذلك انقلب عليهم.

الجدل ليس على جوهر الصراع والإحتلال والجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين، والإدعاء ان إسرائيل تحقق وتحاسب نفسها وتحافظ على معاييرها الديمقراطية وأخلاق الجيش وأنظمته وقيمه، إنما من يكون يمينيا وعنصرياً أشد قسوة من الآخر في سباق بين الجميع ولا يوجد إستثناء سوى بعض الصحافيين الذين يطالبون بلجم العنصرية المنفلتة لمصلحة ما تبقى من معايير أخلاقية في إسرائيل حسب إعتقادهم.

نحن نراقب ويرى بعض منا أن ما يجري في إسرائيل هو تعبير حقيقي عن الديمقراطية وان إسرائيل تحاكم وتحاسب ذاتها وإن الحكم يبعث برسالة واضحة عن قيم الجيش الاسرائيلي وعن قوة ورسوخ المؤسسات الديمقراطية في إسرائيل واستقلال القضاء المدني والعسكري، وان هذا الجدل والنقاش لا يمكن أن يدور في أي دولة أخرى في الشرق الأوسط سوى إسرائيل. هذا هو كي الوعي وتزييف الحقيقية وعدم الإدراك أن كل ما يفعله الإحتلال هو التعبير الحقيقي عن طبيعة هذا الكيان الصهيوني الإستعماري الكولونيالي.

في إسرائيل العنصرية تأخذ منحى متصاعد والجدل حول المحاكمة يكشف الغول العنصري في المجتمع الإسرائيلي ويتنكر لحقوقنا ويتسلح بوصول ترامب للحكم، ونحن نعيش واقع منقسم وعجز، وسعداء بموافقة حماس حضور إجتماع اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني، ونراهن على ما تبقى من يسار صهيوني متهاوي واستقباله في المقاطعة، ونصرخ ليل نهار بمطالبنا الفيسبوكية المعيشية بالكهرباء، و فتح المعبر ورفع الحصار.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد